Malek's Moorish Tales

Meanderings about life and technology

لماذا لا أعتبر نفسي وطنيا ؟

   إن أحد الألقاب الذي يعتبره العديد إن لم يكن الكل من أسوء الشتائم في معظم العالم العربي هو اللا وطنية، فنتحدث عن الانسان النبيل الوطني وعن الخائن العميل اللاوطني ... في المغرب مثلا، نجد بعض الأحزاب تنعت نفسها بالوطنية وتعتبر الباقي غير ذا شرعية لأنهم ليسوا وطنيين. أستغرب لماذا لابد لنا أن نكون وطنيين، ولماذا لانجد لهذا المسطلح وجودا في القواميس السياسية الغربية والأسيوية، ما عدا ما قد نكتشفه في مقالات وخطابات بعض الهامشيين الدين يكونون في معظمهم من اليمين المتطرف من أشباه لوبين الفرنسي، أو من الشعبويين الذين سلعبون في ملعب عواطف الجماهير بدلا من الأفكار والبرامج ؟

    أنا لست رجل سياسة، واهتمامي بموضوع مثل الوطنية لا يعدو أن يكون من منطلق التحليل ومحاولة فهم معنى الحياة والإنسان والعالم ... لذلك فلا بد لي من محاولة فهم دلالة المصطلح، ثم التموقع بالنسبة بلدلالته.

   ماذا تعني الوطنية ؟ هل هي تفضيل الوطن عن غيره من الأوطان ؟ ما هو الوطن ؟ هل هو رسم في ورق نسميه خريطة، يفصل اعتباطيا بين جزء من كوكبنا وبين باقي الأجزاء ؟ هل هو مجموعة من الناس شاءت ظروفهم وأقدارهم أن يتواجدوا في مكان ما وصفته الخرائط بأنه بلد معين، أو وطن معين ؟ لماذا كان ضروريا أن أعتبر نفسي أقرب لشخص لا تجمعني به أفكار مشتركة ولا رؤية معينة للعالم لمجرد أنه ولد أو تواجد في لحظة ما في قطعة تراب قريبة من تلك التي تواجدت بها في نفس اللحظة، وأبعد من آخر يقتسم اهتماماتي ورؤيتي للإنسان والكون لأنه يتواجد في قطعة أرض أخرى تبعد عني بمسافات لا أجد لها دلالة إلا عند افتحاص الخرائط والرسوم ... هل أنت، قارئ هذا المقال، بالضرورة تتواجد في مكان معين كي تفهمني وتتفق أو تختلف معي ؟

   ما دام هذا الحديث يجمعنا في مكان غير مناسب للتحليل المطول، أكتفي بدرج وحهة نظري إذا و لكل قارئ أن يتقاسمها، أو يعترض عليها، أو يناقشها ...

   إنني لست وطنيا، ولن أكون كذلك أبدا. إنني متشبث بهويتي التي أطورها يوما عن يوم، وفخور بكل ما يسكن ذاكرتي من تربة ولدت فوقها، وتلك التي قضيت فيها أيام طفولتي، و الأخرى التي رأتني أكون نفسي شابا، و كل التربة التي وطئتها مقيما أو عابرا، مرحبا به من الآخرين المتواجدين بها أو غير مرغوب فيه من قبلهم، وكذالك بالروائح التي لن تفارق ذاكرتي و ألوان السماء في أقصى الشمال أو الجنوب أو ما توسطهما، وبالأصدقاء من مختلف الأعراق والأوطان، وبالأفكار التي سكنتني أو فارقتني بعد أن طورت رؤيتي. تلك هويتي التي أتشبث بها ولن أفارقها.

   إنني لست وطنيا ولن أكون كذلك أبدا، لأنني أقرب إلى من يشاركني رؤيتي، كان عربيا أوعجميا، كان أسودا أو أبيضا، كان طويلا أو قصيرا ... إني أشبه بيابانيا يقاسمني آرائي مني بآخر يقطن الدار المحادية لمنزلي لا أتقاسم معه أي شيئ، وأجدر بي أن أدافع عن أشباهي وأقف إلى جانبهم ... أما الأوطان والبلدان والأقطار، فأترك للذين يحددون مغزاها ومكوناتها أن يعطوها الدلالات التي يريدون، والتي لا تخصني في شيئ، لأنني إنسان قبل كل شيئ، وبعدها فأنا أفكاري ورؤيتي، وبعدها عواطفي التي لا تعرف للحدود مكان ...

Add comment

biuquote
  • Comment
  • Preview
Loading